عربية فصحي تضحية من أجل الحب (1 المشاهدين)

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع نسيم الرحمة
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
  • 3
  • المشاهدات المشاهدات 50
  • الوسوم الوسوم
    أسماء
  • Tagged users Tagged users لا شيء

نسيم الرحمة

سكساتي نشيط

عضو
سكساتي متفاعل
النقاط
1,361
كانت أسماء تشبه الشوارع الخلفية للمدينة... هادئة، باهتة، لكن مليئة بالحكايات المخفية. في وجهها شحوب يشبه نور الفجر الذي لا يكتمل، وفي عينيها ألف دمعة مؤجلة. تسكن مع والدتها المريضة في شقة ضيقة على أطراف الحي، وتعمل أحيانًا في خياطة بسيطة، تُخيط للناس أثوابهم بينما يتفتق جسدها بصمت.

لم تكن أسماء تعرف الحب حتى دخل "أيمن" إلى حياتها، شابًا مريض القلب منذ طفولته. كان صامتًا، هادئًا، لكن في عينيه وجع دائم. كانت تراه في المستشفى، يجلس وحده على كرسي الانتظار، يتأمل الأرض كأنها آخر ما تبقّى له.

ذات يوم، تقدّمت منه وأعطته زجاجة ماء. ابتسم وقال: "أنا مريض بالقلب... حتى الشكر يتعبني." فابتسمت وقالت: "وأنا مريضة بالوحدة. خلّينا نتعافى سوا."

ومن يومها... بدأت الحكاية.

أحبت أسماء أيمن حبًا نقيًا، لم تطلب شيئًا، ولم تنتظر شيئًا. كان يمرض كثيرًا، وكانت كل مرة تتبرع له بشيء من جسدها.

مرة تبرعت له بالدم، ومرة جلست تبكي لأيام حتى عادت له روحه، ومرة تخلّت عن فرصة عمل لأنها كانت في نفس توقيت علاجه.

وفي كل مرة، كانت تقول: "لو أقدر أعطيك قلبي... ما كنت اتأخرت."

وكان يرد: "أنا عايش بيكِ، مش بالقلب اللي جوه صدري."

لكن المرض لم يكن يرحم.

في أحد الأيام، تدهورت حالة أيمن بشدة. جلس الطبيب أمام أسماء وقال:
"القلب تعب خلاص... الحل الوحيد عملية زرع قلب."

سألت بأمل: "في متبرع؟"

قال: "في قائمة انتظار طويلة... إلا إذا لقيتوا حد يقرر يمنحه قلبه."

سكت الطبيب، ثم قال: "وأنتِ ما ينفعش تكوني المتبرعة إلا لو..."

وسكت.

فهمت ما لم يُقال.

في تلك الليلة، كتبت أسماء رسالة، وأوصت أن تُفتح بعد وفاتها.

في الصباح، ذهبت إلى المستشفى. طلبت مقابلة الطبيب. وقالت بهدوء:
"أنا قررت... قلبي مش ليا. قلبي ليه."

بكت الممرضة. الطبيب حاول أن يثنيها. لكنها كانت مصممة.

قالت: "أنا عشت أحبه، وعايزة أموت علشانه."



أجريت العملية. أيمن لم يكن يعلم. استفاق من البنج، فسأل عن أسماء.

قالوا له: "أسماء؟... كانت هنا."

أعطوه الرسالة التي كتبتها.

فتحها بيدين مرتجفتين. قرأ:

"أيمن...
أنا عارفة إنك ما كنتش هترضى... بس أنا كمان ما كنتش هقدر أعيش وإنت بتموت كل يوم قدامي.
أنا كنت عايشة بيك... والآن هعيش جواك.
لما قلبك يدق... اعرف إنه بيدق مرتين.
مرة ليك... ومرة ليا."

خرج أيمن من المستشفى بقلب جديد... لكنه لم يعد كما كان.

كل دقة في قلبه كانت تبكي.

صار يزور قبرها كل يوم، يقرأ لها بصوت عالٍ، يكتب لها رسائل ويرسلها عبر الريح.

وفي كل عيد ميلاد، يجلس وحيدًا، يضع يده على صدره ويقول:
"كل سنة وإنتِ قلبي."​
 

المستخدمون الذين يشاهدون هذا الموضوع

عودة
أعلى أسفل